بسم الله الرحمن الرحيم.. هو حقًّا فاتن القلوب، ومشجيها، محرك العواطف، ومميسها، لعب بالعقول التي لم تصمد لها الجلاميد، وطوعها حتى غدت كغصن البان.
ليس إلاَّ الحب...
نحتاجه... واختصارًا: كلنا محب محبوب.
وأيضًا اختصارًا: كيف نهندس فاتن القلوب؟
• اقضِ على الخلاف بينهما: العقل والعواطف، فالعواطف غامضة فوضوية، والعقل منطقي منظم، فحكِّم المنظم ينتظم الفوضوي.
ورُدَّ الغامض إلى المنطقي، يشرق كل جانب مظلم فيه، صحيح أن الحب لا يستأذن من العقل كي يفد، لكنه يحتاج إليه؛ كي يستقيم، فاربطه بأسباب منطقية صحيحة تؤدي إلى نتائج حسنة مرضية.
• الاعتراف بالحقيقة قد يُفسد الحب، لكن ابقَ باحثًا عن الحقيقة دومًا واعترف بها؛ لأنَّها في كل الأحوال خير من التمادي في الوهم الذي ينفق فيه الإنسان دهرًا، ويخسر عُمُرًا، طابق هذا الحب على ضوء الحقيقة.
ووَفْقَ معطياتها، فكِّر من جديد براحة، هل هذا الحب صحيح؟ وإلامَ سينتهي؟
راجع الأخطاء، قف على الانكسارات التي تفضحها، لا تُسمِّ الشيء بغير اسمه؛ فالخطأ خطأ، والصواب صواب، والفاحشة والخنا لن يكونا يومًا ما حبًّا، كما أن الحب لن يكونهما.
• أحببتَ ثم فكَّرتَ، أم فكَّرتَ ثم أحببتَ؟ كثيرًا ما يكون الأول غير منفك عن الثاني، ضع عينًا هنا، وأخرى أعد بها الترتيب، وانتبه للمعلومات الأكثر أهمية عن الحب.
حتى لا تذهب في طريق تتمنى العود منه فتعجز، أو ترجع بالكثير من الخسائر، فكِّر وأنت تحب؛ لئلا ترى حسنًا ما ليس بالحسن.
• عقلك أم عقولهم؟ مجتمعنا الشبابي تنتشر فيه هذه الأمور جدًّا، "كلهم يصنع كذا"، إياك أن تدع قيادة عقلك لهم، أنت فريد ونسيج وحدَك، العقل الجمعي غالبًا ما يتَّسم بالسطحية، ويتخلله الكثير من الآفات.
ويقر كثيرًا من الأخطاء والأعراض النفسيَّة والخلقية؛ لمجافاته التحليل والتفصيل، ولتحكيمه المصلحة التي يراها، ولو على حساب المبادئ - هذا إذا لم تحكمه القيم - فلا تستدل بأخطاء العقل الجمعي الشبابي.
لا تُجامل على حساب الحق، إذا لم تقل الحق، فلا تفعل الباطل أبدًا، احذر بريق الانتشار.
• ولِمَ تُحجِّم خياراتك؟ كنت سأقول: كن جزومًا، فقف حيثُ يَجب أن تقف، لكن عدلت إلى توسيع الخيارات، لا تضيِّق "حَيْزُومَك"، اجعل حُبَّك تفوح أزاهيره على مُجتمعك وأمتك، ترجمه بإفشاء الود والسلام، وتكافل وتراحم وتَهادَ في كل وقت وحين، مع كل فرد صغير أو كبير.
وابدأ بمن هم أولى بخيرك:
والديك وزوجك، ولدك، أخيك وأختك، أصدقائك، قرابتك وجيرتك، أهل حيك ومدينتك، قطرك وأمتك، اعمل لرفاهيتهم وإسعادهم،، ستسعد بهذا الحب حتمًا.
• هناك دائمًا ما يُغري بطلب المزيد، فخطط جيدًا لحبك، وتلمس المبتغى الطيب الحلال، واجعل حبك دائمًا مشفوعًا بسُمُو الحال والمآل، وسل الله حُبَّه وحب من يُحبه.
فإنْ نَجحت فيما سبق، ستجد أنَّ الحب مشروعُ عُمرٍ وحياة، لا يومًا وحيدًا تسكب فيه عبارات وإهداءات وألوان، مُستوحاة من خيالات أمم وثنية، ثم يتبخر ليجد في عام جديد حبًّا جديدًا وجرحًا جديدًا.
الكاتب: هناء بنت عبدالعزيز الصنيع
المصدر: موقع نبض المواهب